هل نحن على عتبة خطوة حقيقية للضم؟

 الحارث الحصني – خلف جبل متوسط الارتفاع في الجهة الشرقية لمدينة طوباس، تقع خربة يرزا ذات الطابع الحياتي البسيط الذي يجمع بين تربية الماشية والزراعة البعلية فيها.

لكن ينتظر ذاك التجمع الذي يضم 14 عائلة مقيمة بشكل دائم، يرتفع عددهم ليصل إلى العشرين في بعض الأشهر، مستقبلا أسودا بعد قرار جيش الاحتلال الإسرائيلي شق طريق استعمارية بطول 22 كيلو مترا، يمتد من عين شبلي جنوب نابلس، وصولا إلى ما قبل حاجز تياسير العسكري القريب من الخربة وهي تجمع محاط بطريق وجدار استعماري.

هل هناك خطوة حقيقة للضم؟

يرى محافظ طوباس والأغوار الشمالية أحمد الأسعد، أن هذا القرار هو تجسيد فعلي لعملية الضم، حيث في السنوات الأخيرة بات موضوع الضم أكثر قابلية للتنفيذ خاصة في الشريط الشرقي لمحافظة طوباس، بعد سلسلة قرارات عسكرية لجيش الاحتلال، والتي تعطي مؤخرا انطباعا مبدئيا حول مستقبل المنطقة.

وخلال الشهر الماضي، أصدرت قوات الاحتلال الإسرائيلي 9 أوامر عسكرية، بوضع اليد على حوالي 1042 دونما من أراضي طوباس والأغوار، بهدف شق طريق استعمارية بطول 22 كم، بعدها نشرت خريطة لذلك الشارع من خلال تقرير نشر على صحيفة هآرتس العبرية، تبين خط سير الشارع والجدار المنوي إقامته.

وبحسب بيان صدر عن الهيئة في الثالث والعشرين من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، فإن الطريق المنوي شقها تبدأ من عين شبلي إلى الجنوب وصولا إلى العقبة شمالا، وتمر بمساحات واسعة من الأراضي الزراعية ذات الخصوبة العالية.

وتظهر الخرائط أن الطريق تمر من سهل عاطوف شرق طمون، الذي بات في السنوات الأخيرة فسيفساء من المحاصيل المروية. يقول الأسعد: “يريد الاحتلال من خلال هذه القرارات تقطيع أوصال محافظة طوباس”.

وبحسب بيان الهيئة، فإن هذه الأوامر تشير إلى تغول في استخدام الاحتلال لأوامر وضع اليد لأغراض عسكرية في منطقة طوباس والأغوار الشمالية. وتبدو الأمور أكثر قتامة وسوداوية في خربة يرزا الصغيرة شرقا، والتي تضم 14 عائلة مقيمة بشكل دائم، تعتمد في حياتها على الرعي والزراعة البعلية. فالخرائط تشير إلى فرض طوق استعماري عليها من كافة النواحي.

يقول رئيس مجلس قروي يرزا مخلص مساعيد، إن هذه الخطوة يعني إعدام الحياة في التجمع بالكامل.

هناك أسباب منطقية تأكيدا على ما وصفه مساعيد. فالعائلات التي تعتمد على الزراعة البعلية، باتت مهددة بفقدان تلك الأراضي الزراعية، وهو الأمر ذاته الذي يلاقيه مربو الماشية بفقدانهم آلاف الدونمات من الأراضي الرعوية.

يقول مساعيد: “هناك أكثر من 1500 دونم من الأراضي الزراعية سيتم فقدانها، بالإضافة لآلاف الدونمات من الأراضي الرعوية”.

وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان في البيان الذي صدر عن الهيئة، إن شق طريق استعمارية، يهدف إلى ربط الأغوار الشمالية بالعمق المحتل، وإحكام الاستيلاء على الأراضي الزراعية الفاصلة بين طوباس وطمون وتياسير، ما يعني إجهاض أي إمكانية لوجود تواصل جغرافي فلسطيني غير خاضع للسيطرة المباشرة.

ويكرر الأسعد الكلام ذاته بقوله إن بناء الجدار يعني فصل طوباس عن مناطق الغور، وأن حوالي 180 ألف دونم ستكون خلف الجدار.

ويسعى الاحتلال الإسرائيلي من خلال هذه القرارات إلى جعل حياة المواطنين مستحيلة في مناطق الريف، والمناطق القريبة من المستعمرات.

وتتعدى أوامر وضع اليد الطابع العسكري، لتصبح ذات طابع استعماري مستقبلا، وتكون البيئة القريبة من المناطق المستهدفة غير ممكن الاستمرارية فيها. علاوة على كل هذا، كان لإرهاب المستعمرين المتزايد في الأغوار الشمالية، دور كبير في جعل الحياة فيها.

يقول شعبان أن التجربة تشير إلى أن 90% من “الطرق العسكرية” تحولت لاحقا إلى طرق تخدم المستعمرات، أو محاور فصل بين التجمعات الفلسطينية.

باتت الأغوار الشمالية في الأشهر الأخيرة، مسرحا لاعتداءات المستعمرين (اليد الضاربة للاحتلال في الأغوار).

وفي تقرير الهيئة الشهري الذي صدر في الثالث من الشهر الحالي بعنوان “انتهاكات الاحتلال وإجراءات التوسع الاستعماري”، فإن 2144 اعتداء نفذها الاحتلال ومستعمروه في تشرين الثاني الماضي.

لكن الأسعد قال، سنتقدم برفع شكوى قضائية للمحاكم الدولية، ضد الاحتلال والمستعمرين، ضد هذه القرارات الجائرة.