Search
Close this search box.

صرخ الأسير بوجه السجّان ” اتركوا الدونم”

WhatsApp Image 2021-12-16 at 17.23.12
كتب الأسير المحامي طارق برغوث من سجن النقب الصحراوي مؤخراً…
الأسير المحامي طارق برغوث
الأسير المحامي طارق برغوث
للسجن وظيفة واحدة ووحيدة، ألا وهي كسر إرادة السجين وتطويعها، بمعنى أدق…ترويض المتمرد، وفي السجون ذات الطابع السياسي، تكون الهجمة أشرس، فالفريسة في هذه الحالة تكون أكثر جموحاً، فالسجين السياسي يُهاجم من أجل فِكره وعقيدته.
على سبيل المثال، في اليوم العادي داخل هذه السجون تغتصب الإرادة ثلاثُ مراتٍ بواسطة نظام تعداد السجناء، حيث يقف ضابط العدد المحاط بعدد كبير من السجانين المدججين بكامل عتاد الإخضاع والسيطرة أمام باب الغرفة المفتوح، حيث يتوجب على السجناء الوقوف وذكر أسمائهم على مسامعه بالتوالي،
هذا المشهد يتكرر ثلاث مرات باليوم الواحد!!، أي أن السجين القابع في السجن منذ عشرين عاماً، أُجبر على القيام بذلك 21900 مرة… تخيلوا كريم يونس القابع خلف قضبان الإحتلال قرابة الـ40 عامًا على سبيل المثال..
المهم، قبل عدة شهور، وأثناء الفترة الصباحية لتعداد السجناء، سمعنا صُراخ الناظور من إحدى الغرف المجاورة، كان السجين يردد بإقتطاع “اتركو الدونم” وكان في كل مرة يكرر فيها هذه الجملة، يزداد صوته انخفاضاً وشجناً، حتى لم نعد نسمعه إلا همساً، للوهلة الأولى لم ندرك ما سبب صُراخه، وعن أي دونمٍ يتحدث، لكن عندما مر ضابط العدد، وقسمات وجهي تَذرُفُ ضحكاتٍ صفراء َ خبيثة، اتضح الموقف الكئيب.
هذا السجين كان مسؤولًا عن توزيع وتمويل الخضار على غرف القسم وخلال قيامه بهذه المهمة كان معتاداً على جمع حبيبات الأتربة الملتصقة بهذه الخضار وخاصة البطاطا والبصل، وهكذا يراكم كمية كافية، يقوم بوضعها داخل فناء بلاستيكي، ليزرع بداخله شكلًا ما، على الأغلب النعناع، ولكن بطريقة معينة كان قد أفلح بزراعةِ قسمةٍ من الصبار، لا ندري من أين أتى بها، ربما أثناء زيارته لعيادة السجن، إلا أن هذه الصبرة نَمَت بطريقة عميقة وجميلة وازيّنت حتى أصبحت مزاراً لكافة سجناء القسم، وبما أن هذا النوع من النشاط ممنوع بالسجن(أي زراعة)، كان على صاحبنا أن يقوم بإخفاء هذه النبتة عن أعين السجناء، فالأخضر لون ممنوع لأنه يبعث على الأمل، هذا الأسير ممنوع أيضاً داخل السجن.
المفارقة هي،أن هذا الأسير كان قد سجن لا لشيء، فقط لأنه حاول الدفاع عن دونمات الأرض العائدة لعائلته، التي تمت مصادرتها لفائدة إحدى مستوطنات شمال الضفة.
“اتركوا الدونم”، جملة بسيطة تشرح حياة بكاملها، خارج السجن وداخله.

آخر الأخبار

أحدث البرامج