Search
Close this search box.

“التهجير” بين الصاخب والصامت والقسري والطوعي

_y

عادت تتصاعد مؤخرا وتيرة تصريحات مسؤولين في تل أبيب حول مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مع دخول عدوان الاحتلال على قطاع غزة شهره الرابع.

ويعرف التهجير القسري بأنه إبعاد الأشخاص عن أراضيهم بشكل دائم أو مؤقت، دون إرادتهم ودون توفير الحماية القانونية أو غيرها من الوسائل الأخرى لهم.

ويكون التهجير القسري عبر الاستهداف المباشر بالأعمال العسكرية، أو من خلال إخضاع السكان لوسائل الترهيب والتهديد والضغط والاضطهاد، ومنها قطع إمدادات الغذاء والماء والدواء والعلاج وسائر مستلزمات الحياة.

ويندرج التهجير القسري ضمن جرائم الحرب والإبادة الجماعية، وفق ما ورد في نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية.

وقال وزير التراث في حكومة الاحتلال عميحاي إلياهو، إنه “يجب تشجيع سكان غزة على الهجرة لبلدان أخرى ضمن إجراءات الانتقام منهم بعد أحداث 7 من أكتوبر”.

وادعى وزير “الأمن القومي” في حكومة الاحتلال المتطرف إيتمار بن غفير، أن الترويج لـ”حل” يشجع على هجرة الفلسطينيين في غزة أمر عادل وأخلاقي وإنساني، عدا عن كونه حاجة ملحة لتمهيد الطريق أمام إعادة إقامة مستوطنات على حساب الأراضي الفلسطينية.

وطالب وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، هو الآخر، بعودة المستوطنين إلى قطاع غزة بعد انتهاء العدوان، ودعا إلى “تشجيع” فلسطينيي القطاع على الهجرة إلى دول أخرى ليعيشوا حياة “طبيعية بطريقة مناسبة وإنسانية” بالتعاون مع المجتمع الدولي ودول مجاورة.

وفي الساعات الأولى للعدوان غير المسبوق وحشية، الذي بدأ في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، دعا رئيس وزراء حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الفلسطينيين إلى مغادرة قطاع غزة، وهدد بتحويله إلى خراب، وقال إن “قوات الجيش ستعمل بكل قوة وفي كل مكان”.

وبعد خمسة أيام، أبلغ جيش الاحتلال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في القطاع، أنه يتوجب على جميع الفلسطينيين في شمال وادي غزة أن ينتقلوا إلى جنوبه خلال 24 ساعة.

وقدرت الأمم المتحدة آنذاك عدد من طالهم أمر الإخلاء القسري بحوالي 1.1 مليون فلسطيني، وأشارت إلى أنه يستحيل تنفيذ ذلك دون “عواقب إنسانية مدمرة”.

وأعقب ذلك بعدة ساعات، أن ألقت طائرات الاحتلال الإسرائيلي، منشورات تطالب مواطني مدينة غزة بإخلاء منازلهم والهجرة إلى جنوب وادي غزة، عبر سلوك ممرات حددها الجيش بداعي أنها آمنة ولن تعرض حياتهم للخطر.

وتوالت دعوات الاحتلال للإخلاء على مدار أيام العدوان، واتسعت رقعتها لتشمل كذلك ما وصفتها إسرائيل بالمناطق الآمنة جنوب وادي غزة، وصولاً إلى خان يونس في جنوب قطاع غزة.

وبعد أسبوعين من بدء العدوان، كشف النقاب عن وثيقة وصفت بالسرية، تشمل توصية لوزيرة الاستخبارات الإسرائيلية غيلا غملائيل، ترى فيها أن مقترح تهجير أهالي غزة “قسرا” إلى سيناء بعد نهاية الحرب؛ يمثل النتيجة الإيجابية والاستراتيجية طويلة الأمد.

فيما تحدث عضو الكنيست داني دانون من حزب “الليكود” مؤخرا، عن اتصالات تلقاها من دول في أميركا اللاتينية وأفريقيا تعلن رغبتها في استيعاب اللاجئين من قطاع غزة.

وليس انتهاء بما ورد حول عزم إسرائيل تعيين توني بلير، رئيس الوزراء البريطاني الأسبق، وسيطا مع دول غربية لإقناعها باستقبال لاجئين فلسطينيين من قطاع غزة بعد انتهاء الحرب.

هذا ما قاد الرئاسة الفلسطينية لإصدار بيان قبل عدة أيام، عبرت فيه عن رفضها لأي محاولات مشبوهة لتكليف بلير أو غيره بالعمل من أجل تهجير المواطنين من قطاع غزة، معتبرة ذلك عملا مدانا ومرفوضا، ويأتي في إطار استكمال إعلان بلفور، الذي أصدرته حكومة بريطانيا بمشاركة أميركية، وأسس لمأساة الشعب الفلسطيني بنكبة 1948.

واستشعارا لجسامة خطر ما يجري التخطيط له إسرائيليا، أعلن الرئيس محمود عباس، خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في العاصمة الأردنية عمّان، بتاريخ 12 تشرين الأول/ أكتوبر، رفض تهجير أبناء قطاع غزة، لأن ذلك سيكون بمثابة نكبة ثانية.

وفي حينه، أعلنت دول على رأسها مصر والأردن والسعودية وقطر والكويت والإمارات وتركيا وروسيا، ومنظمات وهيئات كالأمم المتحدة والتعاون الإسلامي والجامعة العربية، رفضها لدعوات جيش الاحتلال لتهجير الفلسطينيين القسري من قطاع غزة.

ووفقًا لإحصائية لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، قدر عدد النازحين في غزة بنحو 1.9 مليون شخص، أو ما نسبته 85% من إجمالي السكان.

وقدرت الأمم المتحدة عدد النازحين الذين وصلوا إلى مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، منذ بدء العدوان الإسرائيلي الأخير، بنحو مليون فلسطيني.

وذكرت في تقرير صدر مؤخرا، أن رفح أصبحت الملجأ الرئيس للنازحين، حيث يعيش أكثر من مليون شخص في منطقة مكتظة للغاية، في أعقاب تكثيف الأعمال العسكرية في خان يونس ودير البلح، وأوامر الإخلاء التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي.

ولما راح أركان حكومة تل أبيب يجاهرون بأفكار التهجير أكثر، هبت عاصفة مواقف دولية تنم عن اتساع دائرة رافضي المخطط، وتضمنت في الأيام الأخيرة أقطارا تصنف على أنها من أبرز حلفاء إسرائيل، ومن دول بررت العدوان على غزة باعتباره ردة فعل ودفاعا عن النفس.

الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، نددت بدعوات التهجير القسري انطلاقا من أنها غير مقبولة وغير مجدية، ولا توفر الحل ولا تجلب الأمن، عدا عن كونها محظورة في القانون الإنساني الدولي.

وفي محاولة لتخفيف حدة التصريحات ووطأة الانتقادات وخطورة العقوبات المنتظرة بموجب القانون الدولي، صدر عن البيت الأبيض تأكيد جاء فيه أن مسؤولي إسرائيل، بمن فيهم نتنياهو، أكدوا أن هذه المواقف لا تعكس سياسة الحكومة الإسرائيلية الرسمية.

كما نفى مسؤول في تل أبيب صحة تقارير اتهمت إسرائيل بأنها تجري محادثات، بإشراف “الموساد” ووزارة الخارجية، مع دول أفريقية لاستيعاب الفلسطينيين الذين “يختارون” الهجرة من غزة.

ونقلت “هآرتس” عن المسؤول قوله إنه رغم دعوات وزراء الحكومة التي يتزعمها بنيامين نتنياهو لتشجيع هجرة الفلسطينيين من قطاع غزة، إلا أن إسرائيل لا تجري أي حوار مع أي دولة حول هذا الموضوع، بما في ذلك الكونغو الديمقراطية ودول أخرى”.

وتبرز هنا خطورة ما قد يوصف بالتحول في الموقف الإسرائيلي من مسألة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، حيث إن الهدف ثابت، والمتغير هو الأسلوب والمسمى، واستبدال التهجير القسرى بمفهوم الهجرة الطوعية بهدف الإفلات من المحاسبة بموجب القانون الدولى، كما جاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية.

وجاء في البيان: “نحذر من محاولات الحكومة الإسرائيلية ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ترويج مفهوم الهجرة الطوعية لشعبنا في قطاع غزة وتسويقه، لإخفاء جريمة التهجير القسري الذي تفرضه قوات الاحتلال بشكل مباشر أو غير مباشر على قطاع غزة، من خلال خلق مناخات وبيئة طاردة للغزيين”.

وعلى مدار أيام العدوان التي تجاوزت الـ92، أمطرت قوات الاحتلال قطاع غزة بأكثر من 45 ألف صاروخ وقنبلة، زاد وزنها عن 65 ألف طن، ومنها ما هو محرم دوليا، أودت بحياة أكثر من 22 ألف شهيد، وأوقعت 57 ألف جريح، ومعظم الضحايا من الأطفال والنساء.

وبحسب تحليل نشرته شبكة “سي بي سي” الكندية لصور التقطت بالأقمار الاصطناعية، فإن القصف الإسرائيلي لغزة يعد الأكثر تدميرا خلال هذا القرن، وأتى على 65,000 وحدة سكنية بشكل كامل،  وألحق أضرارا جزئية بـ290,000 وحدة سكنية أخرى، عدا عن تدمير 93 مدرسة وجامعة بشكل كلي، و120 مسجدا، و3 كنائس، وإخراج 30 مســــتشفى و53 مركزا صحيا عن الخدمة، وتدمير 104 مركبات إسـعاف.

وليس بلظى نيران القصف وحدها يدفع الاحتلال الإسرائيلي أهالي غزة للخروج من منازلهم، إذ يهيئ ظروفا لا إنسانية تدفعهم للهجرة حتى من مقرات الأمم المتحدة وأماكن النزوح، فلا طعام ولا ماء، ولا دواء ولا علاج، وليس ثمة مكان آمن ولا حتى في المناطق التي أعلنها جيش الاحتلال جنوب وادي غزة، بهدف تعظيم شعور اليأس والذعر ليقود ذلك للتفكير بقرار النجاة بالنفس.

ونبهت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، لمفاهيم “الهجرة الطوعية” تحت دواعٍ ومبررات وحجج إنسانية، كونها تسعى للتغطية على جرائم الاحتلال وعلى جوهر فكرة التهجير القسري القائم.

ولفتت إلى أن المخططات تبنى على النتائج الإسرائيلية المفترضة للعدوان الحالي، والتي يسعى جيش الاحتلال الإسرائيلي فيها لجعل قطاع غزة مكانا غير قابل للحياة، عبر الإبادة الجماعية والتدمير الممنهج لكل مرافق الحياة.

وإن كانت بحدة أقل، إلا أن الظروف المفروضة إسرائيليا في الضفة الغربية والقدس، تشير إلى أن مخطط التهجير لا يتعلق فقط بقطاع غزة ولم يتوقف عند نكبة 1948، حين اقترفت العصابات الصهيونية نحو 70 مجزرة استولت في أعقابها على أكثر من 85% من مساحة فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كم2، حسب مركز المعلومات الوطني الفلسطيني، في أكبر عملية تطهير عرقي شهدها القرن العشرون تسببت بتشريد ما يربو على 957 ألف فلسطيني قسرا من قراهم ومدنهم بقوة السلاح والتهديد.

وبعد احتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية عام 1967، لم تتوقف إسرائيل عن تنفيذ مخططات تدفع للرحيل عبر سياسات تهجير صامت وبطيء، تقوم على رفع كلفة وخطر الحياة.

وتشمل هذه السياسات القتل، والاقتحامات، والاعتقالات، وهدم المنشآت، ووقف البناء، والاستيلاء على الأراضي لا سيما في المناطق “ج”، وبناء وتوسيع المستوطنات وشق الطرق، وطرح مخططات الضم، والاغلاقات والحواجز العسكرية، والتضييق الاقتصادي، وإطلاق العنان لعنف وترهيب عصابات المستوطنين وتسليحهم، وسحب الهويات المقدسية.

ووفقا لبحث نشره الأكاديمي منير نسيبة، فإن إسرائيل سخَّرت نظامها ومؤسساتها منذ نشأتها من أجل تطبيق سياسة التهجير القسري داخل الأرض الفلسطيني المحتلة وإسرائيل.

وذكر أن الأساليب المتبعة تقع ضمن ست فئات عامة، على الأقل، تتسبب في التهجير الدائم للفلسطينيين من جانبي الخط الأخضر على السواء، وهي:

استخدام العنف في زمن الحرب كما حدث إبان حروب 1948 و1956 و1967، وهو ما تسبب في واحدةٍ من أعقد مشاكل اللاجئين في العالم، فضلًا عن العدد الكبير من المشردين داخليًا.

هندسة الوضعية القانونية الشخصية في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة على نحو يحرم المقيمين بصفة اعتيادية أو الأشخاص المستحقين للإقامة من الحق في العيش في ديارهم.

التخطيط الحضري والقُطري التمييزي الذي يشجع التوسع اليهودي ويكبح العمران الفلسطيني في مناطق معينة مثل القدس وغور الأردن وصحراء النقب. وبسببه تُهدَم منازل وقرى بأكملها بذريعة “البناء غير المشروع”.

تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم بموجب قوانين ولوائح تمييزية تُسفر عن إخلاء الأسر من مساكنها قسرًا.

الترحيل بموجب مبررات أمنية وقانون الطوارئ. وقد استُخدمت هذ الطريقة على نطاق واسع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في بداية الاحتلال، ولا تزال تُستَخدم بين الفينة والأخرى.

خلق ظروفٍ لا تطاق في مناطق معينة تحمل السكان المدنيين في نهاية المطاف على ترك منازلهم والانتقال إلى مناطق أخرى.

وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد وصل عدد الشهداء الفلسطينيين في الفترة بين أيلول/ سبتمبر 2000 وحتى نهاية كانون الأول/ ديسمبر 2022، إلى 11,541 شهيدا، ومنذ بداية 2023، وصل إلى 22 ألفا و404 شهداء، منهم أكثر من 22 ألفا منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، 98% منهم في قطاع غزة، عدا عن عشرات الآلاف من المفقودين والجرحى والمصابين.

وبلغ إجمالي عدد الأسرى في سجون الاحتلال حتى نهاية العام المنصرم 8800، من بينهم أكثر من 80 أسيرة، وسجلت نحو 11 حالة اعتقال من قبل قوات الاحتلال الإسرائيليّ خلال 2023، دون أن يشمل ذلك أعداد المعتقلين والمعتقلات من غزة ويقدرون بالمئات ويحتجزون في معسكرات لجيش الاحتلال.

وبلغ عدد المستوطنات مع بداية عام 2023 نحو 176 مستوطنة، يضاف لها 186 بؤرة استيطانية، يسكنها 726 ألفا و427 مستوطنا، حسب التقديرات المتاحة، فيما أنشأ الاحتلال مناطق صناعية وسياحية وخدماتية ومعسكرات لجيش الاحتلال بلغ عددها 144 موقعا.

وشكلت المستوطنات ما نسبته 42% من مساحة الضفة الغربية، وتمت السيطرة على 68% من مساحة المنطقة “ج” لصالح المستوطنات، وهي منطقة تضم 87% من موارد الضفة الغربية الطبيعية و90% من غاباتها و49% من طرقها.

أما بناء جدار الفصل العنصري بذريعة حماية المستوطنات، فقد مكن سلطات الاحتلال من الاستيلاء على 4.1% من مساحة الضفة الغربية وعزلها خلف الجدار، الذي فصل ما يعادل 41.8% من مساحة الضفة عن امتدادها الطبيعي واتصالها بالمناطق الفلسطينية الأخرى.

وفقاً لإحصائيات مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة “بتسيلم”، فقد هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي 5,574 مبنى ومنشأة غالبيتها سكنية بحجة عدم الحصول على ترخيص في الفترة بين عامي 2006 ومطلع 2023.

وخلال ذات الفترة وفي الإطار الجغرافي ذاته، هدم الاحتلال 1,986 مبنى تحت ذرائع أمنية واحتياجات عسكرية، فيما طالت عمليات الهدم 304 مبانٍ في إطار سياسة العقوبات الجماعية في الفترة ما بين عامي 2004 و2023.

ووفقا للجهاز لمركزي للإحصاء الفلسطيني، استغل الاحتلال الإسرائيلي تصنيف الأراضي حسب اتفاق أوسلو (أ، ب، ج) لإحكام السيطرة على أراضي الفلسطينيين خاصة في المناطق المصنفة (ج) والتي تخضع بالكامل لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على الأمن والتخطيط والبناء.

ويستغل الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر ما نسبته 76% من مجمل المساحة المصنفة (ج)، وتسيطر المجالس الإقليمية للمستعمرات على 63% منها، فيما بلغت مساحة مناطق النفوذ في المستعمرات الإسرائيلية في الضفة الغربية (تشمل المساحات المغلقة والمخصصة لتوسيع هذه المستعمرات) نحو 542 كم2 كما هو الحال في نهاية عام 2019، وتمثل ما نسبته حوالي 10% من مساحة الضفة الغربية.

وتمثل المساحات المستولى عليها لأغراض القواعد العسكرية ومواقع التدريب العسكري حوالي 18% من مساحة الضفة الغربية.

وخلال الفترة الواقعة ما بين 2000 و2022، رصدت إحصائية صادرة عن وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية “وفا” ومعهد الأبحاث التطبيقية “أريج”، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي اقتلعت نحو 600 ألف شجرة، معظمها من أشجار الزيتون.

ونشر معهد الأبحاث التطبيقية إحصائية في تشرين الأول/ أكتوبر 2023 بينت على تقديرات مراقبين دوليين، بينت أن عدد الحواجز العسكرية التي ينصبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، وصل إلى أكثر من 567 حاجزاً، منها 77 حاجزًا رئيسيًا وجزئي تتحكم في حركة الفلسطينيين بين محافظات الضفة الغربية وتمنع الوصول إلى مدينة القدس وما وراء الخط الأخضر، إضافة لمئات الحواجز الأخرى كالسواتر الترابية، والمكعبات الإسمنتية والبوابات الحديدية، التي يستخدمها جيش الاحتلال في عزل وإغلاق مداخل البلدات والقرى الفلسطينية، في إطار العقوبات الجماعية.

ورصد تقرير لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان، تصاعد عمليات الترحيل القسري التي يسببها فرض إجراءات قاهرة وطاردة من قبل إسرائيل، أو من خلال إرهاب عصابات المستعمرين المرعية والمحمية من دولة الاحتلال.

وتركزت عمليات الطرد القسري للتجمعات البدوية الفلسطينية في 3 مناطق أساسية: الأغوار، وشرق رام الله، وجنوب الخليل، وقادت إلى تهجير 25 تجمعا بدويا فلسطينيا، كانت تقطنها 266 عائلة تشمل 1517 فردا.

وفي ذات السياق، لا يمكن إغفال قوانين بادر لسنها وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال إيتمار بن غفير، تسهل حصول المستوطنين على السلاح، وقيامه شخصيا بتوزيع السلاح على مستوطنين، بينما كشف النقاب عن تشكيل 600 فرقة “حراسة مدنية” في المستوطنات والبلدات التي يقطنها المستوطنون.

وذكرت إحصاءات رسمية لوزارة الداخلية الإسرائيلية، أنه قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، كان هناك أكثر من 200 ألف إسرائيلي مدني بحوزتهم أسلحة بموجب تراخيص من الوزارة، عدا تراخيص الأسلحة التي منحت لشركات الحراسة المدنية التي لديها عشرات آلاف الرخص لحمل السلاح.

وبدأت الزيادة في عدد طلبات المستوطنين الحصول على ترخيص الأسلحة في أيار/ مايو 2021، حيث تم تقديم أكثر من 19 ألف طلب، بمعدل يفوق ضعف عدد المتقدمين خلال العامين السابقين، بينما شهد عام 2022 ارتفاع عدد الطلبات إلى 42 ألفا، فيما كان من المتوقع أن تصل الطلبات في 2023 إلى أكثر من 400 ألف.

ويستدل من خلال فرض العوامل آنفة الذكر وما ينتج عنها من معطيات أنها تأتي في إطار تطبيق ما سميت بـ”خطّة إسرائيل الحاسمة” التي وضعها وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، وتضع الفلسطينيين أمام 3 خيارات: إما التخلّي عن تطلّعاتهم السياسية والقبول بالعيش كمواطنين من الدرجة الثانية على أرضهم، أو “الهجرة” إلى الخارج، أو الموت.

وتجرم القوانين والتشريعات الدولية التهجير وما يتبع من سياسيات تفضي إليه، حيث نصت المادة رقم (49) من اتفاقية جنيف الرابعة على: “لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءا من سكانها المدنيين الى الأراضي المحتلة”، وجاء في المادة (53): “يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو الدولة أو السلطات العامة أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية إلا إذا كانت العمليات الحربية تقتضي حتما هذا التدمير”، والمادة (147) وفيها: “تدمير أو اغتصاب الممتلكات على نحو لا تبرره ضرورات حربية وعلى نطاق كبير بطريقة غير مشروعة وتعسفية”.

ووفق ما ورد في نظام روما الإنساني للمحكمة الجنائية الدولية، فإن “إبعاد السكان أو النقل القسري للسكان، متى ارتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، يشكل جريمة ضد الإنسانية”.

آخر الأخبار

أحدث البرامج