-انعقاد مؤتمر الشبيبة الفتحاوية في المحافظات الشمالية يشكّل محطة وطنية مهمة تُجدد الأمل بالمستقبل
-قضيتنا تمر بمنعطف خطير وتواجه تحديات هائلة
– قطاع غزة الجريح واجه حرباً وحصاراً وعدواناً وتدميراً ترك آثاراً عميقة على الإنسان والأرض
– لا يمكن أن ننسى ما يحدث في القدس من تهويد متواصل وتغيير لمعالمها وطرد لسكانها
– وافقنا على خطة ترمب من أجل إيقاف حرب الإبادة على شعبنا لأنها تنص على إدخال الغذاء والدواء كما تمنع التهجير
– إن دولة فلسطين حقيقة راسخة في التاريخ والحاضر والمستقبل وهي وفق المعايير كافة ووفق القانون الدولي
– دولة فلسطين متجسدة بشعبها وإقليمها وتعترف بها اليوم 160 دولة
– انعقاد هذا المؤتمر تعبير عن الممارسة الديموقراطية الحقيقية
– ما نسعى إليه هو أن يمتلك شعبنا جيلا معززا بالوعي الوطني
– أنتم قيادة المستقبل ونحن نثق بقدراتكم لذلك سنسلم الراية لكم وهي مرفوعة
– مؤتمركم هنا دليل على حيوية حركة فتح وحيوية الشعب الفلسطيني
رام الله 27-11-2025 وفا- قال رئيس دولة فلسطين محمود عباس، إن انعقاد مؤتمر الشبيبة الفتحاوية في المحافظات الشمالية، يشكّل محطة وطنية مهمة تُجدد الأمل بالمستقبل، وتعكس التزام حركة “فتح” بنهج الديمقراطية ووحدة الوطن.
وأضاف سيادته في كلمته أمام المؤتمر العام للشبيبة الفتحاوية المحافظات الشمالية تحت عنوان “من القدس إلى غزة.. صامدون على أرضنا باقون على عهدنا” الذي عقد بمقر الرئاسة بمدينة رام الله، اليوم الخميس، إن قضيتنا الفلسطينية تمر في هذه الأيام بمنعطف خطير، وتواجه تحديات هائلة، فالاحتلال يواصل عدوانه وجرائمه، ويستهدف القدس وأهلها ومقدساتها، وبالذات المسجد الأقصى المبارك، وكذلك المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، ويعتدي على شعبنا في الضفة، ويحاصر غزة بعد أن دمرها بشكل شبه كامل.
ووجه الرئيس التحية لشهداء شعبنا وجرحاه وأسراه، مؤكدا أن دولة فلسطين ستتجسد حرة مستقلة كاملة السيادة، مهما تصاعدت التحديات.
وأكد سيادته، أن هذا المؤتمر يمثل امتدادا لمسيرة نضال وطني طويل قادتها حركة “فتح” منذ انطلاقتها، مشيرا إلى أن الشباب الفلسطيني كان دائما في مقدمة الصفوف، من انتفاضة الحجارة، وصولاً إلى مواجهة الاحتلال في مختلف الساحات، وأن النصر يتحقق بالشباب وإيمانهم بالحق، وعزيمتهم التي لا تهزها الشدائد.
وشدد سيادته على أن ما نسعى إليه هو أن يمتلك الشعب الفلسطيني جيلاً معززاً بالوعي الوطني، ومدركاً لهويته الوطنية، جيلا يمتلك المعرفة والتجربة، ويقوم الخطأ ولا يسكت عنه.
وفيما يلي نص كلمة سيادته:
أُحييكم بتحية الوطن العزيز الذي نحمله في قلوبنا ونحميه بأرواحنا، وأودّ أن أعبّر عن سعادتي الكبيرة بلقائكم اليوم.. أُحييكم بتحية القدس عاصمتنا الأبدية التي تسكن وجدان كل فلسطيني وفلسطينية.. أحييكم بتحية شهداء شعبنا وجرحاه وأسراه، وباسم دولة فلسطين التي نُؤمن جميعاً بأنها سوف تتجسد حرّة مستقلة كاملة السيادة على أرضها، مهما طال الزمن، ومهما ازدادت التحديات، ومهما عظمت التضحيات.
مؤتمركم هذا الذي يُعقد اليوم هو حدث وطني كبير، وانعقاده في هذه اللحظة التاريخية الصعبة، يُجدد الأمل والثقة بالمستقبل، لذلك دعوني أتوجه اليكم بالتهنئة لأنكم تكتبون تاريخاً مجيداً، ليس لحركة فتح وحدها، وإنما للشعب الفلسطيني. أنتم يا شبيبة الوطن، يا حملة راية الوطنية الفلسطينية، راية الكفاح الوطني التحرري التي رفعتها فتح منذ تأسيسها في نهاية الخمسينيات من القرن العشرين، وانطلاقتها التاريخية، انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة في العام 1965.
أنتم الجيل الشاب، الذي فجر انتفاضة الحجارة عام 1987 والذي يُجدد دم فتح، ويمنحها القوة والثبات، أنتم من سيحافظ على الأمانة التي تركها لنا القائد الرمز ياسر عرفات “أبو عمار” وكل القادة المؤسسين، خليل الوزير “أبو جهاد”، صلاح خلف “ابو أياد”، وغيرهم من القادة والمناضلين الأبطال الذين لولا رؤيتهم الوطنية الثاقبة وكفاحهم الباسل وتضحياتهم الجسام، لما كنا هنا اليوم، فوق أرض الوطن، نعقد مؤتمركم هذا، مؤتمر الشبيبة الفتحاوية. وليس غريباً أن يقول نبينا الكريم، محمد صلى الله عليه وسلم، إن الله قد نصره بالشباب، وهي حقيقة تشهد لها وقائع التاريخ الأولى، حين كان الشبابُ هم الطليعةَ، وحملةَ الرسالة، وهم اليوم بدون أدنى شك الطليعة وحملة الرسالة، رسالة الحرية والاستقلال، وهم درع الدفاع عن الوطن والمقدسات والحقوق الثابتة والكرامة الوطنية.
أيتها الأخوات أيها الأخوة،
أنتم تُدركون أن انعقاد هذا المؤتمر العام للشبيبة الفتحاوية في المحافظات الشمالية هو ثمرة نضالاتكم أنتم، وهو تعبير عن الممارسة الديموقراطية الحقيقية، التي درجت عليها حركة فتح، وهي أساس عملنا، ونعدكم بأن نستكمل هذه الانتخابات في المحافظات الجنوبية بأسرع وقت ممكن، تعبيراً عن الوحدة والتجدد في الوطن الواحد، ومنكم سيأتي أعضاء في المؤتمر العام الثامن لحركة فتح، والذي سيعقد قريباً جداً بإذن الله. ومنكم من سيكونون قادة المستقبل الذين سيتولون المسؤولية في مراكز القيادة والقرار.
إن ما نسعى إليه هو أن يمتلك الشعب الفلسطيني جيلاً معززاً بالوعي الوطني ومدركاً لهويته الوطنية، جيلاً يمتلك المعرفة والتجربة، جيلاً يقوم الخطأ ولا يسكت عنه، وأنتم اليوم التعبير الحقيقي لهذا الجيل، لذلك ارفعوا رؤوسكم، احفظوا الأمانة وواصلوا حمل الراية، التي سنسلمها لكم لتبقى عالية خفاقة على أرض فلسطين.
يا شباب فلسطين، إن المستقبل ليس شيئاً ننتظره، بل شيء نصنعه، وأنتم من سيصنع هذا المستقبل الذي ستشرق فيه شمس الحرية على فلسطين وشعبنا الصابر الصامد في أرض الآباء والأجداد.
أريد أن أراكم وأنتم تتقدمون الصفوف، تستلهمون معنى قول الله تعالى: “إنهم فتيةٌ آمنوا بربهم وزِدْنَاهُمْ هُدًى”، فأنتم يا أبنائي الذين قال فيكم النبي صلى الله عليه وسلم إن النصر يأتي بكم، وبصدقكم، وبعزيمتكم، وبإيمانكم بالحق… إيماناً لا تهزه شدة ولا تنال منه قوى الظلم.
أيها الشباب الفلسطيني العزيز،
نلتقي اليوم في لحظة تاريخية دقيقة وفاصلة، لحظةٍ تُختبر فيها عزيمتنا وإرادتنا الوطنية، وتشتد فيها الضغوط التي تستهدف هويتنا وحقوقنا وقضيتنا الوطنية، لكنكم أنتم عنوان صمود شعبنا المرابط في وطنه، في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس، ومرآة هذا الشعب العظيم الذي لا ينكسر أمام العدوان، ولا يعرف اليأس أمام هول التحديات وعظمة التضحيات.
أيها الأحبة،
تمر قضيتنا هذه الأيام بمنعطف خطير، وتواجه تحديات هائلة، فالاحتلال يواصل عدوانه وجرائمه، ويستهدف القدس وأهلها ومقدساتها، وبالذات المسجد الأقصى المبارك، وكذلك المسجد الإبراهيمي في مدينة الخليل، ويعتدي على شعبنا في الضفة، ويحاصر غزة بعد أن دمرها بشكل شبه كامل؛ دمر كل أبنيتها ومؤسساتها ومدارسها وجامعاتها ومساجدها وكنائسها، ولا زال يعمل على تشويه الرواية الفلسطينية أمام العالم، لكننا ثابتون على مواقفنا، متمسكون بحقوقنا الوطنية، نُواصل نضالنا السياسي والدبلوماسي والقانوني في كل المحافل الدولية.
وأقف هنا عند قطاع غزة الجريح، هذا الجزء العزيز من وطننا الذي واجه حرباً وحصاراً وعدواناً وتدميراً ترك آثاراً عميقة على الإنسان والأرض وما عليها.
وبعد سنتين من حرب الإبادة الجماعية المتوحشة في قطاع غزة، وتصاعد العدوان الإسرائيلي، وإرهاب المستوطنين في الضفة، نعيش نكبة جديدة، فلا يمكن وصف استشهاد أكثر من 70 ألف انسان فلسطيني، وجرح ما يقارب 200 ألف جريح ومفقود، وتدمير أكثر من 80 بالمئة من قطاع غزة، سوى أنها نكبة أخرى، ولكننا بعزيمتكم وعملكم الدؤوب سوف نخرج شعبنا من هذه النكبة قوياً ثابتاً على أرض وطنه، ونعيد بناء قطاع غزة بالكامل، وبناء حياة كريمة لأهلنا فيه.
ولا يمكن أن ننسى ما يحدث في القدس من تهويد متواصل وتغيير لمعالمها وطرد لسكانها، فالقدس كانت وستبقى درة التاج وعنوان هويتنا وعاصمة دولتنا.
أما الضفة الغربية الصامدة، فرغم الاجتياحات المتواصلة والإغلاقات والمصادرة وبناء المستعمرات، وهدم المنازل وإرهاب المستوطنين، بدعم من جيش الاحتلال، وقطع الأشجار وحرق المحاصيل، وتهجير السكان من بيوتهم في مخيمات الصمود، فهي تُعبر عن حالة صمود اسطوري وارتباط تاريخي بالأرض، وانتماء عميق للوطن سيهزم كل محاولات التهجير والمصادرة والضم.
إن رؤيتنا الوطنية واضحة: غزة جزء لا يتجزأ من الوطن الواحد، ومن الدولة الفلسطينية الواحدة، فلا دولة بلا غزة، ولا دولة في غزة وحدها، ولا دولة بدون القدس عاصمتنا الأبدية المقدسة، ولا سلام بدون حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القرار 194، ومشروعنا الوطني واحد لا يتجزأ، في إطار رؤية وطنية تعتمد على معادلة دولة واحدة بنظام سياسي واحد وقانون واحد، وسلاح شرعي واحد، والالتزام بالشرعية الدولية وبمنظمة التحرير الفلسطينية. وسنواصل المقاومة الشعبية السلمية والعمل السياسي والدبلوماسي والإنساني مع كل الأطراف لحماية شعبنا، ورفع الحصار، وإطلاق عملية إعادة الإعمار، وفق رؤية وطنية تُعيد لهذا القطاع العزيز دوره كاملاً في مسيرة التحرر والوحدة وبناء الدولة الفلسطينية المستقلة.
الأخوات والإخوة،
لقد وافقنا على خطة الرئيس ترامب، أولا من أجل إيقاف حرب الإبادة على شعبنا، وثانياً لأنها تنص على ادخال الغذاء والدواء، وبدون أية عراقيل، كما تمنع التهجير، وتنص على إعادة الاعمار في غزة، وتعترف بأن السلام النهائي لا يمكن أن يتحقق إلا إذا مارس الشعب الفلسطيني حقه في تقرير المصير، واقامة دولته الخاصة به.
وفي هذا الشأن، فقد كان موقفنا ثابتاً وواضحاً منذ اللحظة الأولى، إن لجنة ادارة غزة يجب أن ترتبط بالحكومة الفلسطينية الشرعية، وهو ما اعتمدته القمة العربية والقمة الإسلامية.
إن هذا الموقف ليس مسألة إجرائية عادية، إنما هو خطوة ضرورية للحفاظ على وحدة أراضي الدولة الفلسطينية، وحدة الضفة وفي قلبها القدس، وقطاع غزة، وأن أية محاولة للقفز عن دور السلطة والمنظمة، سيرفضها شعبنا، وسوف تقوض مصداقية خطة الرئيس ترامب. التي نحرص كل الحرص على إنجاحها، ولكن بما لا ينتقص من حقوق الشعب الفلسطيني الوطنية المشروعة.
إن دولة فلسطين حقيقة راسخة في التاريخ والحاضر والمستقبل، وهي وفق المعايير كافة ووفق القانون الدولي، دولة متجسدة بشعبها وإقليمها، وتعترف بها اليوم 160 دولة، وهي عضو مراقب في الأمم المتحدة، دولة تعترف بها أربع دول من أصل خمس من الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، هي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا، دولة تحت الاحتلال، يقع على عاتق الامم المتحدة والمجتمع الدولي مسؤولية دعم جهودها السلمية للتحرر وتجسيد سيادتها الوطنية على أرضها.
أيتها الاخوات أيها الأخوة،
شبيبة فتح، وشبيبة فلسطين،
أنتم قيادة المستقبل، ومن سيتحمل المسؤولية عليه أن يقرأ تاريخه جيداً، فمن لا يسيطر على تاريخه لا يسيطر على حاضره ولا مستقبله، معرفة التاريخ ليس المقصود بها أن نبقى فيه، ولكن أن نملك القدرة على صنعه وتفادي الأخطاء، وعلى صياغة رؤية شاملة ومتكاملة تعكس تاريخ وحاضر ومستقبل شعبنا الصامد.
أنتم قيادة المستقبل، ونحن نثق بقدراتكم، لذلك سنسلم الراية لكم وهي مرفوعة، ومؤتمركم هنا دليل على حيوية حركة فتح وحيوية الشعب الفلسطيني.. ليكن شعاركم “هنا باقون”، هنا سنبني حياتنا ومستقبلنا، امتلكوا التصميم والصبر والإرادة الصلبة، أنتم صناع المستقبل، وأنتم من سيرفع علم فلسطين فوق مآذن القدس وكنائس القدس، وأسوار القدس، أنتم صناع الحرية وبناة الدولة.
واسمحوا لي باسمكم أن أتوجه إلى الشعب الفلسطيني برسالة أمل، رسالة تصميم على مواصلة النضال حتى تحقيق الحرية والاستقلال، وأن أترحم على أرواح شهداء شعبنا الابطال، وأن أشد على أيدي أسرانا البواسل في معتقلات الاحتلال الإسرائيلي.
تحية لكم يا شبيبة فتح ولكل شباب فلسطين، فأنتم رهان المستقبل الرابح وكلنا ثقة بكم.
مع تمنياتي لمؤتمركم بالنجاح لما فيه خير الشعب الفلسطيني.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



