Search
Close this search box.

من المسؤول عن وفاة الشاب أحمد لقيانية؟

3333

رام الله- إيهاب الريماوي

لقي الشاب أحمد لقيانية حتفه مساء الجمعة، الحادي عشر من حزيران / يونيو 2021، بعد أن لامس قضيبا حديديا كان يمسك به عمود كهرباء بجوار منزله في بلدة بيت اكسا شمال غرب القدس.

نُصب هذا العمود إثر طلب تقدمت به بلدية بيت اكسا في شباط/ فبراير 2020 إلى شركة كهرباء محافظة القدس، لنقل عمودين خشبيين من مكانهما بسبب أعمال توسعة للشارع في حي آل غيث بالبلدة.

وقبل شهرين من حادثة وفاة أحمد، استجابت الشركة للطلب ونقلت العمودين، واستبدلتهما بآخرين حديديين.

وفي أقل من ثانية، رحل أحمد بعد أن قذفته صعقة كهربائية عدة أمتار، والتي تعادل قوتها نحو 220 فولتاً، فتوقف قلبه.

ويؤكد تقرير الطب الشرعي الصادر عن وزارة الداخلية والموقع من قبل الدكتور راكز جميل سلامة، أن الفقيد لقي حتفه نتيجة صعقة كهربائية “Electrocution”.

العائلة والمجلس يحملان الشركة المسؤولية

اتهمت عائلة لقيانية شركة كهرباء محافظة القدس بالمسؤولية عن مصرع ابنها، بداعي أن الوفاة كانت نتيجة إهمال وتقصير الفرقة الفنية التابعة للشركة، بعد نقل الخطوط القديمة إلى العمود الحديدي الجديد.

يقول بلال لقيانية، إن سبب الصعقة الكهربائية التي تعرض لها شقيقه أحمد يعود بالأساس إلى عدم وجود “تأريض” في العمود الحديدي.

أرسلت عائلة لقيانية كتاباً خطيا لسلطة الطاقة ومجلس تنظيم قطاع الكهرباء، طالبت فيه بتحميل شركة كهرباء محافظة القدس مسؤولية الحادثة، ومحاسبة المقصرين وعلى رأسهم الفريق الفني المسؤول عن نقل العمود باستهتار أدى للوفاة.

الشركة لم تصدر أي موقف بخصوص الحادثة، ووفق بلال فإنها اكتفت بالإشارة وبطريقة غير مباشرة، إلى أن من يتحمل المسؤولية عن الفاجعة هو المجلس البلدي.

بلدية بيت اكسا، كما يتضح من كتاب حصلت “وفا” على نسخة منه، أكدت أنها دفعت لشركة كهرباء القدس كامل تكاليف النقل للأعمدة الجديدة، والتي تشمل على قضبان التأريض المعتمدة حسب الكوتات الكهربائية المعروفة محلياً وعالمياً.

وحمل المجلس البلدي شركة الكهرباء المسؤولية عن الحادثة.

وذكر رئيس البلدية سعادة الخطيب في كتاب أرسله إلى الشركة، في الرابع عشر من تموز/ يوليو الماضي، أي بعد ثلاثة أيام من الحادثة، أن عدداً من المهندسين الذين استعانت بهم البلدية، عاينوا الموقع وتبين لهم أن سبب الصعقة الكهربائية التي تعرض لها أحمد يعود إلى وجود خلل في شبكة “التأريض” الخاصة بأعمدة الكهرباء الحديدية.

ودعا الخطيب الشركة إلى معالجة الخلل خشية من تكرار الحدث، منوهاً إلى أن طواقم الشركة كانت قد عالجت مشكلة مشابهة في تكهرب أحد الأعمدة في الحي الجنوبي من البلدة.

وقال المهندس الكهربائي موسى محمد الذي استعانت به البلدية للتحقيق، بعد أن عاين موقع الحادث، “يتبين من خلال الفحص النظري وبواسطة الأجهزة المختصة، بأن العمود لا يحتوي على تأريض مناسب، بحيث أن قيمة المقاومة فيه عالية جداً، وفي حالة حدوث تكهرب فلن تتوفر فيه أي أنواع الحماية، كما أن الشبكة الكهربائية التي عليه مركبة بشكل عشوائي”.

وأشار محمد إلى أن الزمن الذي يؤدي إلى وفاة شخص نتيجة ملامسته لعمود تبلغ قوته 220 فولتا، يتراوح ما بين 80 مل ثانية إلى ثلث ثانية في أحسن الأحوال.

ولفت إلى أن التأريض يعمل على تفريغ الكهرباء في بطن الأرض في حالة حدوث تكهرب بالعمود، ويؤدي إلى تشغيل قواطع الحماية فيه، أما في حالة عدم وجود التأريض فإن أي جسم يلامس العمود سيعتبر ناقلاً للتيار الكهربائي، وإذا كان ذلك الجسم إنساناً أو حيواناً فإن ذلك يؤدي إلى الوفاة على الفور.

شركة كهرباء محافظة القدس تحمل مجلس بيت اكسا المسؤولية

على الطرف الآخر، قال محامي شركة كهرباء محافظة القدس محمود قراعين: إن ما حصل مع أحمد لقيانية ليس بسبب خلل في الأعمدة أو الشبكة أو حتى عملية الأمان فيه أو حتى التأريض كما ورد في اتهامات العائلة وبلدية بيت اكسا.

وأوضح أن السبب الرئيسي يعود إلى وحدة الإنارة القديمة المسؤول عنها المجلس البلدي، متسائلاً إذا كان المجلس وضع وحدات إنارة فيها قواطع وأنظمة أمان في حال حدث تلف أو تسريب.

وقال قراعين: إن طواقم الشركة نقلت وحدة الإنارة كما هي إلى العامود الحديدي المؤرض بزراعته بعمق متر ونصف بالأرض، في الموقع المتفق فيه مع البلدية، فيما أن الخلل حصل من وحدة الإنارة القديمة.

وأضاف: “عندما طلب مجلس بلدي بيت اكسا من الشركة تغيير ونقل الأعمدة، قمنا بتغيير عمودين خشبيين في المنطقة التي شهدت الحادثة، واستبدالهما بعمودين حديديين جديدين، والأعمدة الجديدة تغرس بعمق متر ونصف في الأرض، وبالتالي يكون قد تم تأريضه دون الحاجة إلى شبكة تأريض خاصة، كما أن شبكة الأسلاك والكوابل الموجودة عليه مغطاة بالبلاستيك وتسمى بـ”ABC”، ولا يوجد أي جزء مكشوف منها، وبالتالي فإن النظام آمن بنسبة 100%، ولكن وحدة الإنارة الموجود على العامود الذي تسبب بالحادثة قديمة وحصل عليها تلف أدى إلى حدوث التماس الكهربائي”.

وقال المحامي قراعين: إن الطواقم الفنية قامت بعد الحادثة مباشرة بإزالة الخطر عن العامود والمتمثل بفصل وحدة الإنارة، كما أزالت 4 وحدات إنارة تبين أنها تالفة في مناطق متفرقة بالبلدة، حيث أظهر الفحص أنه لا توجد عليها قواطع الأمان والحماية اللازمة.

وبحسب محامي شركة كهرباء محافظة القدس، فإن شبكات الإنارة بشكل عام تابعة للمجالس المحلية والبلدية في كافة المدن والبلدات والقرى، وهي المسؤولة عن تمديد خطوط الإنارة وشبكاتها وأعمدتها والقيام بأعمال الصيانة، فيما تتحمل الشركة مسؤولية توصيل التيار من الخط الرئيسي لاستخدامه في شبكة الإنارة، وتقدم النصيحة والمشورة والدعم الفني إذا ما طلب منها ذلك من البلديات والمجالس المحلية، وتحض بشكل دائم على متابعة وحدات الإنارة وتحديثها. 

وأكد قراعين أن شركة كهرباء محافظة القدس لا تتردد أبداً في أن تعترف بكامل مسؤوليها إن أخطأت، لأنها تمارس خدمة حساسة ومهمة، وتعمل على ضمان كافة وسائل الأمان في عملها، وتأمين موظفيها وأملاكها.

مجلس بيت اكسا: دفعنا رسوم نقل الأعمدة

ورداً على ذلك، قال عضو مجلس بلدي بيت اكسا مراد الكسواني، إن البلدية دفعت لشركة كهرباء محافظة القدس رسوم نقل عمودين كهربائيين في حارة آل غيث في الثاني من شهر شباط/ فبراير من العام الماضي، لكن طواقم الشركة نفذت ذلك قبل شهرين فقط من وقوع الحادث.

وأضاف، الشركة استبدلت الأعمدة الخشبية بأخرى حديدية وتحملت مسؤولية نقل وحدات الإنارة إلى الأعمدة الجديدة بموجب اتفاق تم بين المجلس والشركة، مشيراً إلى وجود وصل استلام يوثق قيمة ما تقاضته الشركة مقابل عملية النقل والتركيب.

ورداً على اتهامات شركة كهرباء محافظة القدس لبلدية بيت اكسا، بأن سبب الحادث يعود إلى شبكة الإنارة التالفة التي تخضع لمسؤولية المجلس، شدد الكسواني على أن شركة الكهرباء أخذت رسوما كاملة مقابل نقل الإنارة، بالتالي كان يجب عليها أن تستبدل وحدة الإنارة القديمة بأخرى جديدة.

وتابع: “العمود الحديدي الذي زرعته الشركة لا يوجد فيه تأريض، ونقلت إليه الشبكة القديمة بالمشاكل التي فيها، ولو كان كما يقولون يحتوي على إرث لما حدث التكهرب، فالمسؤولية تقع أولا وأخيراً على شركة الكهرباء، فنحن بالمجلس لا نتدخل بعملها ويقتصر عمل طواقمنا على تغيير اللمبات فقط”.

وأشار عضو مجلس بلدي بيت اكسا إلى أن السبب الحقيقي هو وجود سلك مكشوف من وحدة الإنارة على رأس العامود تسبب بحدوث التكهرب، كما أن طواقم شركة كهرباء محافظة القدس حاولت بعد إزالتها للخطر عقب الحادث أن تأخذ معها وحدة الإنارة، لكننا رفضنا ذلك، لأن فكها يعني إخفاء دليل سبب وفاة أحمد لقيانية.

وقال: إن المجلس البلدي رفع قضية لدى المحاكم الفلسطينية لمقاضاة ومحاسبة الشركة، حيث أدلى نائب رئيس المجلس نعيم غيث بشهادته أمام المحكمة.

وختم: “لدينا كتب موثقة أننا نريد عمل صيانة لشبكة الكهرباء في البلدة، ونحن كبلدية لا نقوم بصيانة الشبكة وليس لدينا صلاحيات للعمل على شبكات الكهرباء، وإذا كان هناك مشكلة في وحدة إنارة يقوم الموظف بتغيير اللمبة، أما الشبكة والكوابل فلا يستطيع تغيرها، وإذا قام بذلك ستقوم الشركة بمحاسبتنا.

ملحم: ما زالت القضية قيد التحقيق

وأكد رئيس سلطة الطاقة ظافر ملحم أن قضية الشاب أحمد الكسواني ما تزال في إطار التحقيق، حيث أن المستشار القانوني التابع لسلطة الطاقة يعمل على القضية، مشيراً إلى أنه سيبذل قصارى جهده من أجل الإسراع للخروج بالنتائج.

وقال: “مراقبة موضوع حوادث التكهرب يحكمها قواعد ونظم رئيسية يطلق عليها اسم كود الشبكة، والتي لها علاقة بتحديد آليات وسبل ربط المواطن المشترك بالشبكة الكهربائية وفق مواصفات فنية والتي يجب على شركات توزيع الكهرباء التقيد بها للوقاية من حوادث التكهرب وتحقيق السلامة العامة للمواطنين، وفي حال لم تلتزم الشركات بهذه المعايير تكون مسؤولة عن هذه الحوادث”.

وفي حالة الربط غير القانوني للتيار الكهربائي والذي يكون أساسه سرقة التيار من الشبكة مباشر، أضاف ملحم، إن سلطة الطاقة لا تعترف بمسؤولية شركات التوزيع عنها، مشدداً على ضرورة شبك المواطنين منازلهم بالتيار الكهربائي من خلال الطرق القانونية المشروعة حفاظاً على سلامتهم.

وأكد أنه في حالة ثبت مسؤولية شركات التوزيع عن حوادث معينة فإن هناك إجراءات قانونية وقضائية يتم اتخاذها، بحيث يتم تحويل الملف إلى قضية جنائية تبت في المحاكم حسب الأصول نتيجة عدم الالتزام بالمعايير الفلسطينية، كما يتم تسجيل نقطة على شركات التوزيع ويتم تخفيض مؤشر أدائها في موضوع معايير الأمن والسلامة.

تغيير طرأ على آلية عمل الشركة  بعد الحادثة

ووفق فني كهربائي فضّل عدم ذكر اسمه، فإن غرس العمود الكهربائي مسافة متر ونصف في التراب يعطي العامود تأريضا، لكنه يكون غير كافٍ للحماية من الإصابة بالصعقة الكهربائية.

وكشف أن طواقم الشركة بدأت بعد حادثة وفاة الشاب أحمد الكسواني بوضع تأريض على الأعمدة، وعدم الاكتفاء بغرسها المسافة المذكورة.

وقال: إنه حتى لو كانت المشكلة من وحدات الإنارة أو من سلك مكشوف، فإن وجود التأريض يخفف من أثر حالات التكهرب.

 إلا أن مصدراً في شركة كهرباء محافظة القدس، أكد أن تعميماً صدر عن الدائرة الفنية للطواقم بضرورة وضع كوابل تأريض لأعمدة الكهرباء الجديدة التي يتم نصبها.

وأوضح المصدر أن هذا التعميم صدر في أعقاب الحادثة التي أودت بحياة شاب في بلدة بيت اكسا قبل شهرين.

آخر الأخبار

أحدث البرامج