Search
Close this search box.

في اليوم العالمي للصحة النفسية: نحو مليون فلسطيني بحاجة لدعم نفسي

غزة الصحة النفسية

معن الريماوي- تقدر وزارة الصحة الفلسطينية بأن مليون مواطن بحاجة للدعم النفسي من قبل مختصين، حيث تصل نسبة انتشار الاضطرابات النفسية الى 22%.

ووفق مديرة دائرة الصحة النفسية في الوزارة سماح جبر، فإن هذه النسبة أكثر بـ12% مقارنة بالمعدل الطبيعي للدول الأخرى، وذلك بسبب انتهاكات الاحتلال بحق أبناء شعبنا، إضافة إلى الأمراض المتعلقة بالجانب الوراثي والبيولوجي، وارتفاع معدلات البطالة.

وتشير إلى أن الصحة يتوفر لديها 14 مركزا للصحة النفسية المجتمعية في الضفة، وستة أخرى في قطاع غزة، كما أن هناك مراكز غير حكومية تقدم الخدمات ذاتها.

وأوضحت جبر أن هذه المراكز تقدم برامج توعوية في الصحة النفسية، كما تهتم بعمل السياسات الفعالة من ضمنها سياسة الحد والوقاية من الانتحار، والخطة الوطنية للصحة النفسية، وتتمحور حول ثلاث أولويات هي: الإجراءات المتعلقة بالصدمات والتدخل في الأزمات، ودمج خدمات الصحة النفسية ضمن الخدمات الصحية بشكل عام، وأهمية تطوير خدمات الصحة النفسية المجتمعية.

وتستهدف هذه المراكز من يعانون من اضطرابات نفسية شديدة ومتوسطة، والذي يعاني معظمهم من انفصام وثنائية القطبية، وغيرها من الأمراض النفسية، حيث يصل نسبة المراجعين لهذه المراكز نحو 90 ألف مواطن سنويا.

وتتابع جبر: “هناك الكثير من الفقدان في فلسطين، والفقدان ليس فقط من استشهد، بل الأسير أيضا، عدا عن البيوت التي تهدم في القدس، وهذا العنف يولد ألما نفسيا للكل بشكل مستمر، وهذه أحداث مستمرة، ونتحدث عن ألم نفسي ومعاناة نفسية عابرة للأجيال”.

وأردفت: “نحن نتعامل مع حالات كثيرة في هذا الجانب، فالاحتلال موجود في خلفية كل الألم الذي نراه، فدائما عندما يراجعنا مريض نعتقد في البداية أن السبب بيولوجي أو وراثي، ولكن عندما نجلس معه نكتشف أن السبب هو الاحتلال”.

وناشدت جبر ضرورة أن يتم وضع الطب النفسي والعلاج النفسي على قائمة الأولويات على الخدمات الصحية، لأن مشروع التحرير هو ليس فقط تحرير الأرض وإنما تحرير العقل الفلسطيني من تبعات الاحتلال.

وخلال جائحة “كورونا” في فلسطين، خُلقت فئة ثانية من الناس الفاقدين، والمتضررين اقتصاديًا، وزاد العبء النفسي على المجتمع، ولكن لغاية الآن لم يتم قياس أثرها النفسي على الناس، إلا أن نسبة من يعانون اضطرابات نفسية ارتفعت بالتأكيد، تضيف جبر.

من جانبه، قال مدير عام مركز علاج وتأهيل ضحايا التعذيب خضر رصرص، إن الاحتلال يوفر بيئة غير طبيعية للناس، فالإنسان حر بطبعه، يرفض كل القيود على حركته وعلى نمط تفكيره وتصرفاته، لكن الاحتلال يفرض رزمة من القيود على سلوكيات الناس وعلى مخططاتها اليومية، وعلى مستوى الأمن الموجود في حياتهم، والنتيجة أنهم غير آمنين بفعل الاحتلال حتى في بيوتهم.

وأضاف: “ممارسات الاحتلال التي تنطوي على قدر كبير من انتهاكات حقوق الإنسان، وهذا ما يؤثر على مستوى استقرار الحالة النفسية عند الناس، لتلاحظ أن خُمس الشعب الفلسطيني تقريبا يعاني من حالة من الضغط المزمن واضطراب ما بعد الصدمة والاضطرابات، الناجمة عن هدم البيوت، وتوغلات واعتقالات وتعطيل على الحواجز، والاستيلاء على أراضي وممتلكات، وبالتالي سلسلة يومية من القهر، والتي لا تجعل المواطن يشعر بمستوى الأمن الذي يحتاجه حتى يتطلع على أماله وتطلعاته ونوعية حياته”.

وأشار رصرص إلى أن هناك عددا لا بأس به ممن يلجأون للمراكز الصحة النفسية مروا بصعوبات قاسية داخل السجون، والأحداث اليومية التي يرتكبها جيش الاحتلالا التي من الممكن أن يتحمل ثقلها المواطن لفترة محدودة، لكن عندما يثقل هذا الحمل على كاهل الناس من الممكن أن تظهر على بعض الناس الاضطرابات النفسية التي تستدعي علاجا ومتابعة.

وأوضح أن الحالات التي تدخل للعلاج المكثف يصل عددها إلى 1800 حالة سنويا، إضافة إلى عدد لا بأس به ممن يحتاجون لاستشارات أو نصائح والتي تستمر لجلسة أو جلستين، وعدا عن ذلك يحتاجون لعلاج نفسي ومتابعة اجتماعية وفي بعض الحالات يحتاجون لمتابعة الأطباء النفسيين.

أكثر من ثلث السكان في قطاع غزة هم بحاجة لتدخل نفسي

بدوره، قال مدير برنامج غزة للصحة النفسية ياسر أبو جامع إن اجراءات الاحتلال كان لها أثر كبير على نفسية المواطنين، فالعدوان الأخير على قطاع غزة سبب الشعور بالخوف والفزع الشديدين للأطفال، والقلق المتزايد، إضافة للكوابيس الليلية التي كانت تداهمهم. في حين سبب العدوان الإجهاد العصبي والنفسي الشديدين بالنسبة للبالغين نتيجة عدم استطاعة الآباء والأمهات النوم، ومن أجل البقاء مع أطفالهم وتأمين الدعم اللازم لهم والطمأنينة حال حدوث انفجار أو حدث معين، إضافة لشعورهم بالعجز وعدم قدرتهم على توفير الحماية لأطفالهم مقابل حجم القصف والأسلحة التي كانت تستخدمها سلطات الاحتلال.

وأضاف: هذا العدوان جاء على مجتمع يعيش أكثر من عقد من الزمان تحت الحصار، وهو ليس العدوان الأول، وبالتأكيد هذه التراكمات سببت بشكل رئيسي ازدياد حجم الضغوطات النفسية، وذلك وفقًا للقصف الذي كان يستمر لأكثر من نصف ساعة في ذات المكان، وما يرافق ذلك من الشعور بالموت المحدق وعدم الأمان، وعدم القدرة على حماية الأطفال.

وأشار الى أن الكثير من الأشخاص تأثروا وأصيبوا باضطرابات وضغوطات نفسية أيضًا نتيجة فقدان شخص عزيز عليهم أو بفعل قنابل الاحتلال التي سوت بيوتهم بالأرض بعد انتهاء العدوان، فيما لا تزال اضطرابات ما بعد الصدمة والاكتئاب مستمرة، مؤكدًا أن مؤسسات دولية تتحدث عن أن أكثر من ثلث السكان في القطاع هم بحاجة لشكل من أشكال التدخل والدعم النفسي.

واعتبر أبو جامع أن الضغوطات النفسية التي تواجه المجتمع الفلسطيني لها آثار كبيرة، ومنها ما يحدث نتيجة الفقر والبطالة وسوء الأوضاع الاقتصادية والحصار، وهناك ضغوطات تكون على شكل أزمات معينة كالعدوان، وجائحة كورونا، ومهم أن يتم الوصول للمراكز المختصة من أجل علاجهم وإعادة تأهيلهم.

وقال إن تلك الضغوطات قد يكون لها أبعاد مختلفة على المدى البعيد، خاصة لدى الأطفال، فقد تسبب إشكالية في تركيز الطالب ومشاكل في الذاكرة، وبالتالي انحدار في مستواه التعليمي والدراسي، وقد يفقد قدرته على الاستمرار بنفس مستواه الذي كان سابقا عليه، وفي بعض الأحيان قد يسبب لهم سلوكا عدوانيا.

ويشار إلى أنه يصادف العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، اليوم العالمي للصحة النفسية لإذكاء الوعي العام بقضايا الصحة النفسية.

آخر الأخبار

أحدث البرامج