Search
Close this search box.

احتضان في زنازين “الجلمة”

ليلي أبو رجلية

الأسير ليلي أبو رجيلة يلتقي بنجله الأسير داخل السجون-مكتب إعلام الأسرى

وفا- إيهاب الريماوي

صباح الخامس والعشرين من أيار/ مايو 2006 ولد أيوب أخيراً، جاء بعيداً عن حضن والده ليلي أبو رجلية، ولد في القدس مسقط رأس والدته تغريد أبو رجلية.

لم يتمكن ليلي (44 عاماً) من عيش اللحظات الأولى من ولادة أيوب، حاول الدخول للقدس لاحتضانه للمرة الأولى، لكنه لم يتمكن من ذلك، فعاد إلى بلدته عطارة شمال رام الله.

حضنه للمرة الأولى بعد خمسة أيام في عطارة، عقب خروج زوجته من المستشفى، كانت تلك من أكثر اللحظات سعادة في حياته.

تفرقت عائلة ليلي قسراً، فمنذ زواجه بتغريد عقب خروجه بأشهر قليلة من سجون الاحتلال الإسرائيلي في تشرين أول/ أكتوبر عام 2003، لم يجتمعا تحت سقف واحد سوى لمدة ثمانية أشهر، وعندما تزوجا سكنا بلدة بيرنبالا شمال القدس المحتلة، وعند حمل تغريد بابنتهما البكر “جواهر” اضطرت للانتقال للعيش والاستقرار عند أهلها في القدس، وكان لقاؤها بزوجها يومين بالأسبوع فقط، حيث كان يدخل القدس متسللاً، ومتجاوزاً حواجز الاحتلال الإسرائيلي.

ولدت جواهر في القدس منتصف عام 2004، بعيداً عن حضن والدها أيضاً، لكنها رغم بعدها عنه إلا أنها تمكنت من تشرب حنان والدها لسنة ونصف وفقط.

وفي الثامن والعشرين من حزيران/ يونيو عام 2006 داهمت قوة خاصة إسرائيلية مكان عمل ليلي في مدينة رام الله، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد في الثالث والعشرين من آب/ أغسطس عام 2008.

اعتقل ليلي مع رفيقه الأسير أيهم كممجي أحد الأسرى الذي انتزعوا حريتهم في السادس من أيلول/ سبتمبر العام الماضي، واتهمهما الاحتلال بخطف مستوطن.

أيوب الذي كان يبلغ من العمر 28 يوماً عند اعتقال والده، تمكن وبعد ستة عشر عاماً من اللقاء بوالده في زنازين سجن “الجلمة” ولمدة 20 ساعة فقط يوم الخامس والعشرين من أيار/ مايو الماضي.

كتب الأسير ليلي عن ذلك اللقاء: “أضيق غرفة في كل السجون ولكن كانت أوسع غرفة بالنسبة لي، سكنت بقلب ابني، يكفيني أنني سمعت دقات قلب ابني لأول مرة في حياتي، حضنته، تأملته وقمت بعد كل شامة بوجهه، ألبسته جواربه، أطعمته بيدي، نمت بجانبه، شربنا شايا سوية ولأول مرة بحياتي”.

تمكنت والدته جواهر أبو رجلية من زيارته في سجن شطة يوم أمس الأربعاء، والذي بدا خلال هذه الزيارة سعيداً بعد لقائه بأيوب، رغم أنه قال لها إن شوقه وتعلقه به ازداد بعد لقائهما.

وقال: “لم أكن أدرك يا أمي معنى شوق الأب لابنه، رغم أني كنت متشوقاً له كثيراً ودائماً في بالي قبل أن ألتقي به، لكن بعد أن التقينا لساعات قليلة لم أعد أقدر أن أبعد عنه، لكنهم انتزعوه من قلبي بل خطفوه خطفاً”.

تتحسر تغريد زوجته أن بيتها يخلو من صورة واحدة تجمعها مع زوجها وابنيهما أيوب وجواهر، حتى قبل اعتقاله لم يجتمعا على طاولة واحدة إلا لمدة أشهر قليلة، فهي اضطرت للعيش بالقدس كونها تحمل الهوية المقدسية.

امتنعت تغريد عن زيارة ليلي منذ عام 2019، بعد أن تعرضت للإهانة الشديدة ومحاولة السجانين إجبارها على خلع كامل ثيابها للتفتيش، فرفضت حينها الانصياع لأوامرهم، ما حرمها من زيارة زوجها.

“أحلم باليوم الذي نجتمع فيه ببيت واحد، فأيوب الذي كان دائماً يسأل عن والده، لم يتمكن من الاجتماع معه إلا داخل زنزانة، وجواهر التي تبلغ من العمر 18 عاماً لم تشبع من والدها في السنة والنصف التي عاشتها معه، فاجتماعنا خارج السجن انتهى بلمح البصر، ولم يكن لدينا الكثير من الذكريات، لكن هذا هو حالنا، وعلينا أن نصبر، فسيأتي ذلك اليوم الذي أحلم فيه”، تقول تغريد.

يقبع أيوب الذي أتم السادسة عشرة في الثلاثين من أيار الماضي في سجن “الدامون” ومحكوم بالسجن لمدة ثلاثة عشرة شهراً، وسيفرج عنه بعد نحو أربعة أشهر، ومنذ اعتقاله يحاول رؤية والده ويطالب إدارة سجون الاحتلال بنقله للعيش مع والده أو زيارته ليوم على الأقل، وأخيراً تحققت رغبته والتقى مع والده بعد طول انتظار.

عقب انتزاع الأسرى الستة حريتهم من سجن “جلبوع”، كان وقتها الأسير ليلي متحدثاً باسم أسرى قسم (3) في “جلبوع”، ووصف ما تعرض له الأسرى عقب هذه العملية، حيث قال: “قامت قوات كبيرة من السجانين، برش الأسرى في الغرفة بغاز الفلفل، وتم إخراجهم جميعا من الغرف وهم مكبلون، وقاموا بسحبي ورفع يدي إلى الخلف بصورة كان فيها رأسي نحو الأسفل، وضربوني على رقبتي، وقال السجانين للأسرى: اليوم لا يوجد قانون أو حساب”.

نقل ليلي إلى سجن “شطة” عقب انتزاع الأسرى لحريتهم، وأصبح ممثلاً للأسرى في قسم (7)، والذي يقبع فيه حالياً 48 أسيراً.

ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن 551 أسيراً في سجون الاحتلال الاسرائيلي يقضون حكماً بالسجن المؤبد، فيما أن هناك نحو 4600 أسير يقبون في مختلف السجون.

ـــــــــ

آخر الأخبار

أحدث البرامج